آراء بعض الفنانين والنقاد عن أعمال الفنان خالد المز

الفنان ممدوح قشلان

رؤية لاتتكرر إلا عند خالد

الملاحظ لأعمال الفنان المبدع خالد المز يقف أمام تساؤل لايجد له جواباً إلا من الفنان نفسه في أعماله، هناك علاقة اندماجية غريبة بين أحاسيس الفنان خالد المز والجو الذي لايعيشه ولكن يطرحه ابداعاً على لوحاته.
الشغل الشاغل أو الهم الذي لايفارقه في لوحاته، هو الموضوع والموضوع عنده يتمحور في المرأة.. المرأة في خصوصيتها. أماً أو ابنة أو اختاً أو صديقة أو عشيقة أو ملهمة.. الخ لايهم وإنما هي المرأة بكل وجودها وجمالها وعطائها وماتملكه من حقيقة.
بشكل وملمس ولون.. وبتعبير آخر، خالد يتلاعب في تكوينات جسم المرأة، يطرحها على اللوحة كالعجينة بين يديه يقولبها: واقفة جالسة، مستلقية، ملتصقة بقرينة أو رفيقات أو مجموعات.
في تكوينات عادية، أو تركيبية أو خيالية.  جالسة أو واقفة ، مستلقية راكضة، نائمة، راقصة، مداعبة. محتضنة.. الخ وفي كل الحالات هي متحررة لاتريد أن يلامس بشرتها سوى اللون الذي يمنحها إياه الفنان خالد المز.

المرأة عنده، ولأنها متحررة فهي أيضاً بسيطة جداً، لاتتعامل مع عناصر أخرى إلا بأقل القليل، ليبقى الفضاء الرحب يحيطها أو يحملها، فضاء لايحدد معالم الأرض أو السماء بل فراغ مطلق: رمادي أزرق، ترابي، اخضر، اصفر بتدرجات لانهائية لاتعرف التحديد حتى يصل إلى درجة الضبابية، وهكذا نجد نساءه يفترشن سطح اللوحة بتكوينات مدروسة، متماسكة أو مبعثرة – في مرحلة سابقة بعد انتهائه من الدراسة الفنية في كلية الفنون بالقاهرة كان التأثير الفرعوني المصري واضحاً منخلال الايقاع الحركي المتكرر أو في الجلسات ( التركيبية) الجانبة والمقابلة في آن واحد، ويترك للأيدي والأقدام أو الوجوه الجانبية تتموضع في زخرفة إيقاعية.
وخلال وبعد اقامته في فرنسا انجذب إلى الفنانين الرافضين للانطباعية وخاصة F.leger في مراحله الأولى. حيث تبسيط التكوينات وإلغاء الحجم وشغل الفراغ المحيط بالعناصر الأساسية.
ولكن أعماله الأخيرة يلاحظ تحولات جذرية وخاصة في التكوينات الانسانية، وهي المرأة – حيث بدأ يبسط الشكل ويلغي الخط، فالخط يذوب بين العنصر والعنصر المجاور ويكتفي بشمولية السطح وتغير اللون هو الخط غير المخطط.
خالد. يتعامل مع أشكاله الانسانية بسطوحها لابخطوطها- وخاصة في أعماله الأخيرة – أصبحت نساؤه أكثر استدارة وتحجيماً : يركز على الكتلة الأساسية من الجسم والرأس ويبسط الأيدي والأقدام، ووبل كثيراً من التفاصيل في الوجه والأصابع وكأنها أجسام  تسبح في فضاء ضبابي وتبقى كثيراً كالأشباح تسبح في الفضاء رغم أنها قد تكون جالسة أومتحركة والذي يلفت النظر هو التناقض بين الكتلة البشرية الثقيلة في الجسم والأرجل المخروطية التي تحمله، ويبقى اللون الهادىء، اللون المدروس.. اللون الذي رافقه أكثر من خمسين عاماً يتعمق به ولايتبدل منذ أن كان طالباً في المرحلة الثانوية. ومجموعته اللونية الضبابية تزداد غنى ولاتتبدل جذرياً وإنما يتعامل مع الرماديات ، وعنده منها قاموس واسع، واللون أيا كان فهو على سطح أملس،  واللمسات المؤكدة للتشريح تبرز بلون غريب دخيل قد يكون ظلاً أو إضاءة قوية.
فن التصوير هو فن التلوين، وخالد في هذا معلم متمكن، رغم أن لوحته التلوينية ضبابية إلا أنه يدرك كيف يستغل تأثيراتها ( الضوئية ) أو (الظلالية) من خلال لمسات جريئة، في نقاط حساسة جداً في الوجه والأيدي والصدر أو القدام.. تشير إلى سيطرته على اللوحة ويجعلها حية متماسكة العناصر والأشكال والألوان. خالد في كل ذلك.. وخاصة في أعماله الأخيرة. يتجه إلى نوع من الميتافيزيقا، الميتنافزيقا الرومانسية: فضاء أو فراغ مسرحي واسع عناصر إنسانية ، يدرك جيداً كيف يطرحها على اللوحة الصحاء ويكسوها اللون في ضبابية هادئة باردة، رغم الإضاءات الحارة هنا وهناك. وبهذا ينقلنا إلىجو لانجده إلا عنده فقط..

فإلى  أين سيكون المطاف فيما بعد ؟

ممدوح قشلان